"أخي السائق: لا تسرع فالموت أسرع.. القيادة فن وذوق وأخلاق"، شعار سرعان ما يتهاوى على وقائع الطريق المؤلمة بالنسبة للعديدين في شهر رمضان المبارك.
فعادة ما تصبح قيادة السيارة في الشهر الكريم بالنسبة للكثيرين عبئا إضافيا ومبعثا للتوتر خاصة في أوقات الذروة، في حين يجد آخرون في هذا الإطار اليومي اختبارا لأخلاقيات السائق خاصة في الشهر الكريم.
الحرارة والعجلة لتحصيل موعد الإفطار والقيادة المتسرعة، والتجاوزات والخروقات المرورية مع طول ساعات الصيام والازدحام والإرهاق وكثرة السهر والانفعالات، وغيرها بيئة خصبة لانتعاش الحوادث المرورية وتزايدها.
وكل ذلك مرده إلى هشاشة مقومات ثقافة الطريق لمستعملي الطريق سواء أكان من قادة السيارات والشاحنات والحافلات والدراجات النارية وحتى من المشاة وغيرهم، وكذلك سوء تمثلهم لسلوكيات الصائم وراء مقود سيارته.
فواجع بلغة الأرقام
في هذا الإطار تعتبر الأمثلة عديدة والأرقام موزعة ولا تستثني بلدا دون آخر، حيث يمثل حلول الشهر الكريم قادحا ليقظة عامة للقائمين على سلامة الطرق في بلدان شتى حرصا على توعية الناس بمخاطر الطريق ومغبات الأخطاء والتجاوزات.
فقد أكدت دراسة مرورية في أبو ظبي تعود لسنة 2009-2012 أن معظم الحوادث الجسيمة في الشهر الكريم تقع خلال هذه الأوقات المسائية، منها 68% من الحوادث المرورية على الطرق الخارجية، ونحو 32% على الطرق الداخلية.
وفي الشهر الكريم من العام الماضي، شهدت حوادث الطرقات في قطر تسجيل 31 حالة وفاة، حيث كان المتوفون إما راكبا أو سائقا أو من المشاة، وتراوحت أعمار الضحايا بين 14 و15 سنة حسب إحصائيات برنامج الحد من الإصابات لقسم جراحة الإصابات في مستشفى حمد العام.
كما لقي 31 شخصاً مصرعهم في حوادث سير وقعت خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك الحالي, فيما أصيب 146 آخرين من مختلف الفئات العمرية في تلك الحوادث بصنعاء. وأوضح تقرير أعده مركز الإعلام الأمني من واقع التقارير اليومية لشرطة السير بأن الفترة الممتدة من 1-7 من رمضان شهدت وقوع 105 حوادث سير في مختلف طرقات محافظات اليمن.
كما أظهرت دراسة في فلسطين أن نسبة الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق في شهر رمضان بالتحديد بلغت 15.6% من مجموع عدد الوفيات الذي بلغ 377 في الثلاث سنوات الماضية.
وذكر بيان إدارة العلاقات العامة والإعلام بالشرطة في فلسطين أن هذه النسبة تعد مؤشرا خطيرا لزيادة حوادث الطرق خاصة بشهر رمضان الفضيل.
كما أظهرت الدراسة التي إعدتها ادارة شرطة المرور أن الحوادث المرورية تزداد خاصة ما بين الساعتين 2 ظهرا ولغاية الثامنة مساء أو قبيل آذان المغرب، ويعود ذلك إلى السرعة في قيادة المركبة وفقدان السيطرة عليها والتي كانت السبب الأبرز للحوادث المميتة، بالإضافة إلى حالة التوتر التي قد تصيب بعض السائقين من تأثير الصيام، والرغبة في بلوغ بيوتهم قبل موعد الإفطار.
وتظل أمثلة الحوادث في شهر رمضان دفترا مفتوحات، تتضخم فيه الأرقام كلما أسيء استخدام الطريق، وتلكئ الصائم بصيامه ليبرر تسرعه واستعجاله وعدم تمسكه بمقومات وأخلاقيات الطريق التي من المفترض أن يسهم الشهر الكريم في تعزيزها وعلو ومنسوبها.
مدرسة الطريق
وأمام هذه الأرقام والوقائع تستمر الحملات التوعية في مستهل هذا الشهر لتوعية الناس بمخاطر الطريق خاصة وقت الازدحام، كما تتظافر جهود المتطوعين لوضع الصائمين في إطار من الهدوء المشبع بالروحانيات لدعوتهم للتريث والتمسك بأخلاقيات الصائم القائمة على التسامح والإحسان والعطاء.
كما تعكف الدوريات المرورية المشددة على تعليمات السرعة والأمانة والتدخل السريع لحل أي إشكال مروري، كالتصادم الخفيف، وغيرهم لضمان الانسياب المروري وعدم اختناق تدفق السيارات خاصة في الفترة المسائية.
ويشجع الإعلام الناس على جعل الطريق إحدى مقاييس اختبار صيام الصائم الحق وسلوكه وأخلاقياته العالية، وانجاح صيامه، وهنا يعمد بعض المتطوعون لتوزيع التمور والمياه وغيرها قبيل الإفطار لتشجيع مستعملي الطريق على التحلي بالصبر والتريث في عودتهم لبيوتهم وضمان السلامة لهم وإمساك الصائم بزمام الممارسة المرورية السليمة على الطريق.